هذا هو الإسلام

دينُ الخضوعِ لله الواحد الأحد ، الكبيرِ المتعال ، فله وحده التسليمُ والخضوع ، ولا مجالَ لطاغوتٍ حَجَري ولا بشري ، أن يتسلط على عباده ، ليَدِينوا لأهوائه ومصالحه بالخضوع والقرابين . فالناسُ سواسيةٌ كأسنان المشط ، رَفَعَ دينُ التوحيدِ رؤوسَهم في وجه التسلط والاستعباد ، فلا كهنوتَ ولا استبداد .
2 – دينُ – إقرأ – ، القائِم على العقل ، والقائِدِ إلى العلم ، والمعتمد على المنطق والاستدلال. الحُجَّةُ فيه عمدة ، والعقلُ فيه مُقَدَّم ، والتأملُ فيه عبادة ، والتفكيرُ فيه فريضة ، والشعار فيه : > إن كنت ناقلاً فالصحة ، وإن كنت مُدَّعِياً فالدليل < . لا قطيعيةَ فيه ، ولا وساطةَ بين الحق والخلق عنده ، ولا امتيازَ لطبقة دينية أو سياسية تنوبُ عن بقية العباد في التفكير والتقرير ، أو تحتكر دونهم حقَّ الاتصال بالنص المقدس ، أو امتيازَ تأويلِه وفهمِه .

3 – دينُ تكريم الإنسان ، بالآدمية والحرية والمسؤولية والعقلِ والتكليف. اصطفاه الله لخلافته في الأرض ، وجعله سيداً للكون ، وسخَّر له ما فيه من نِعَم وإمكانات ، يوظفها بالقصد ، دون تبذير ولا احتكار ، ودون إنهاك للبيئة أو ظُلْمٍ لِحَقِّ بقية المخلوقات فيها .

هذا التكريم يلزم بِصَوْنِ حُرمة الإنسان: دمِه ومالِه وعرضِه ، وضمانِ حريته في الاعتقاد والاختلاف والتفكير والاجتهاد . شعارُه : >متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ؟< . ومبدؤه: حُرْمَة المؤمن عند الله أعظم من حرمة البيت الحرام

4- دين السلام والحب والتعاون والتسامح والرحمة والانفتاح والحوار والاختلاف المشروع . فهو الذي يُصَدِّر موقفَه من الديانات السابقة بمبدأ – التَّصْدِيق- قبل مبدأ -الهيمنة ) … مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ … المائدة : 49 ، وهي فقط هيمنةُ استيعاب وتسديد لا هيمنة إقصاء وإنكار . وهو الذي يدعو إلى أقصى درجات البر والإحسان بالمخالف والصفح والعفو عن المسيء ، إلا في حالة العدوان القصوى وهي > القتال في الدين والإخراج من الديار < . وماذا بعد الإبادة المادية والمعنوية يتعرض لها المسلم ، فتوجب عليه المقاومة والقتال لصد المعتدي الحاقد ؟

5 – هذا ديننا ، دين الحق المُهْدَى إلى الخلق. دينُ جميع الأنبياء من آدم إلى محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين . دين الله الواحد ، والقِبْلة الواحدة ، والهدف الواحد : إسعادُ البشرية – بالهُدى والشِّفاء والنور والبرهان- .

دينُ توحيدٍ بلا كهنوت، وإيمانٍ بلا خرافة، وجهاد بلا إرهاب، وعقلٍ بلا إلحاد، ودعوةٍ بلا تنفير، وتَدَيُّنٍ بلا تطرف ، والتزام بلا تحجر ، وسَلامٍ بلا استسلام ، واختلاف بلا خلاف ، وهوية بلا إقصاء ، وحوار بلا تمييع ، وانفتاح بلا ضياع ، وتعدد بلا تبدد .

دينُ عقلٍ وقلب، دنيا وآخرة، روح ومادة، شورى وطاعة، شَرْعٍ وواقع.

إنه دين عمل الخير وخير العمل: الدنيا فيه مزرعةُ الآخرة، والعبادةُ فيه طريق الحضارة، والمادة في خدمة الروح. الخيرُ فيه شِرْكَةٌ بين الناس، والعقلُ فيه دليل الإيمان ، ورضوانُ الله فيه يُنال بخدمة عباده صالحين أو طالحين . أَوَ لَيْ هو دين : ( … الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ … ) العصر : 3 .

6 – هذا هو الإسلام : الدينُ الخاتمَ ، بنهايته التي أعلنتها لحظةُ وفاةِ الرسول صلى الله عليه و سلم ، كانت بداية إعلان نُضج الإنسان ، وأهْلِيَتِهِ لوراثة النبوة ، إعلانُ نهاية نزول الوحي وظهور المعجزات ، وبدايةُ عهد العقل والفكر والاجتهاد والأخذِ بالأسباب وفق سُنَن الله في الكون ، لتُصْبِح – إقرأ – و – لتعارفوا – و – انظروا – و – اعتصموا -ومثيلاتُها الكثيرة ، مفاتيحَ التغيير ، وعنوان الإنسان الكامل ، المؤَهَّلِ للشهادة والرِّيادة والاستخلاف.

هذا هو الإسلام ، ولا إسلامَ سواه ، فإن تَوَهَّمَ مُتوهم غيرَه ، فإنما ذلك بانتحال المبطلين أو تحريف الغالين ح وربما بإغراض المغرضين! بهذا الفهم نلقى الله، وهو وحده الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
التجديد : 23 – 10 – 2009

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *